واصلت أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفاعها في إيران الشهر الماضي، حيث سجلت اللحوم الحمراء قفزة بنسبة 82 في المائة مقارنة بالشهر نفسه قبل عام.
ويأتي تقرير التضخم السريع الذي نشره مركز الإحصاء الإيراني (SCI)، وهو جهاز حكومي، بعد تحذيرات الأسبوع الماضي من أن الإنفاق الحكومي البالغ 14 مليار دولار لاستيراد الغذاء والدواء لن يكون كافياً لتلبية الاحتياجات في العام المقبل.
وفي النظام الاقتصادي المغلق في إيران، لا يتمتع المستوردون بإمكانية الوصول المباشر إلى العملات الأجنبية، ولا يمكنهم الحصول من الحكومة إلا على الدولار الأميركي أو اليورو.
وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن مبلغ الـ14 مليار دولار المقترح في ميزانية العام المقبل للغذاء والدواء لن يكون كافيا إلا لاستيراد المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب ومصادر البروتين، لكنه لا يستطيع أيضا دفع ثمن الدواء.
ووفقاً لتقرير منظمة SCI، فقد شهدت المواد الغذائية الأخرى أيضاً تضخماً خطيراً. وارتفعت أسعار الأسماك بنسبة 72 في المائة مقارنة بأسعارها في أكتوبر (تشرين الأول)، ونوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وبشكل عام، بلغ معدل "التضخم النقطي" لسلة الاحتياجات اليومية الأساسية حوالي 40 في المائة.
وقدرت تقارير حديثة أخرى معدل التضخم بأكثر من 50 في المائة. كما أفادت التقارير أن التضخم الإجمالي لأسعار المواد الغذائية بالتجزئة بلغ 37 في المائة.
وعلى الرغم من ارتفاع صادرات النفط هذا العام، يبدو أن الحكومة الإيرانية غير قادرة على خفض التضخم وتستمر سياساتها التقييدية المتعلقة بالعملة الأجنبية. ولا تزال العملة الوطنية (الريال) تحوم حول أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 500 ألف ريال لكل دولار أميركي، وهو انخفاض في القيمة بمقدار 12 ضعفًا منذ أوائل عام 2018 عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرضت عقوبات اقتصادية على إيران.
تجدر الإشارة كذلك إلى أن المبلغ الدقيق لإيرادات النفط هو سر من أسرار الدولة، لكن يُعتقد أن إيران تبيع للصين حوالي 1.1 مليون برميل من النفط يوميًا، بخصومات كبيرة. ويقدر الخبراء أنه مع الخصم، والتكاليف الإضافية المرتبطة بشحنات النفط غير المشروعة، من المحتمل أن تحصل إيران على نحو 50 دولارًا للبرميل، ما يعني 21 مليار دولار من العائدات سنويًا، وهو ما يكفي بالكاد لتمويل الواردات الغذائية. ولا تكاد شحنات النفط الإيرانية الأخرى إلى فنزويلا أو سوريا تعيد أي عملة صعبة إلى خزائن طهران.
ولهذا السبب، يتضمن مشروع قانون الموازنة المقدم إلى البرلمان في العام المقبل زيادة الضرائب للتعامل مع العجز المستمر.
وتوقعت الحكومة زيادة بنسبة 50 في المائة في الضرائب بمختلف أنواعها مقارنة بالموازنة الحالية. وقالت صحيفة "جهان صنعت" إن إجمالي إيرادات الضرائب المتوقعة سيصل إلى أكثر من 22.44 مليار دولار. وهذا سيكون مساويا أو أكبر من دخل النفط السنوي.
وأضاف التقرير أن إجمالي ميزانية الحكومة سيصل إلى 49.2 مليار دولار في العام المقبل، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 18.2 في المائة مقارنة بموازنة هذا العام. مما يعني أن عائدات الضرائب ستشكل أكثر من 45 في المائة من الميزانية التشغيلية للحكومة الإيرانية.
وظل معدل التضخم في إيران عند مستوى 40 في المائة أو أكثر لمدة 3 سنوات على الأقل، مما أدى إلى زيادة عدم الاستقرار السياسي. وبعد الاضطرابات المناهضة للنظام العام الماضي، زادت الاحتجاجات الاقتصادية وتسارعت، خاصة في الأسابيع الأخيرة. وينظم العمال في مختلف القطاعات والمتقاعدون في مؤسسات الدولة احتجاجات يومية للمطالبة بزيادة الأجور، حيث أصبح الملايين من أفراد الطبقة المتوسطة سابقًا فقراء الآن.
وتتوقع ميزانية العام المقبل زيادة في أجور العمال بنسبة 16 في المائة، أي أقل من نصف معدل التضخم الحالي.