نفى رئيس البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، وجود أي مشاكل في توفير العملات الأجنبية. وذلك رغم انخفاض قيمة العملة المحلية، والانخفاض الملحوظ في استيراد بعض السلع الأساسية.
ورغم فشل الجهود التي بذلها النظام الإيراني للسيطرة على سوق العملات، أكد رئيس البنك المركزي الإيراني، يوم أمس الاثنين 4 ديسمبر (كانون الأول)، أنه "لا توجد مشكلة في توفير الدولار أو اليورو في إيران".
وقال فرزين أيضًا إن "النظام الإيراني يستطيع الوصول إلى الأموال التي تم الإفراج عنها من كوريا الجنوبية، والموجودة حاليًا لدى البنوك القطرية". لكن حقائق السوق لا تؤكد كلام رئيس البنك المركزي.
يذكر أنه بناء على اتفاق بين طهران وواشنطن لتبادل السجناء، سمحت الولايات المتحدة بتحويل 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية التي كانت مصادرة في كوريا الجنوبية إلى قطر. ووفقا للولايات المتحدة، لا يمكن للنظام الإيراني استخدام هذه الأموال إلا للأغراض الإنسانية وغير الخاضعة للعقوبات، مثل شراء المواد الأساسية كالغذاء والدواء.
ومع ذلك، لم يتم حتى الآن نشر تقرير عن استخدام هذه الأموال من قبل النظام الإيراني، لجبر العجز داخل البلاد.
وتحدثت وسائل الإعلام المحلية الإيرانية مرارا، نقلا عن رجال أعمال ومسؤولين في النظام الإيراني، عن النقص الحاد في بعض المواد الأساسية مثل الأدوية والغذاء وقطع غيار السيارات.
والسؤال الذي لا تستطيع سلطات النظام الإيراني الإجابة عليه هو أنه "إذا كان هناك ما يكفي من العملة في إيران، فلماذا لا يستطيع النظام الإيراني استيراد السلع الأساسية؟". رغم أن "مواد مثل الغذاء والدواء لا تخضع للعقوبات الأميركية أو الأوروبية".
وبالإضافة إلى الأعلاف الحيوانية، والتي هي أمر ضروري لسلسلة الإمدادات الغذائية في البلاد، فقد أثر العجز أيضًا على صناعة الأدوية الإيرانية، التي تعتمد بشكل كبير على توفير العملة الأجنبية من قبل النظام لاستيراد المواد الخام. ويوم 14 نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلنت منظمة الغذاء والدواء عن نقص أكثر من 100 دواء في إيران.
وأدت المشاكل الاقتصادية التي تفاقمت بسبب العقوبات النفطية الإيرانية، إلى عجز النظام عن توفير وتخصيص العملات الأجنبية.
وفي الأشهر الأخيرة، زادت صادرات النفط الإيرانية إلى نحو مليون ونصف المليون برميل يوميا، وهو ما يدل على قفزة بلغت 6 أضعاف تقريبا مقارنة بالسنوات الـ4 الماضية. ومع ذلك، فإن قيمة التومان تقترب مرة أخرى من أدنى مستوياتها.
ومع تجاوز معدل التضخم 60 في المائة، فقد تأثر نظام الصحة والعلاج وكذلك رفاهية المواطنين بشدة بسبب الظروف الاقتصادية المعقدة في إيران.
وحاول النظام الإيراني منع الانخفاض التاريخي في قيمة العملة المحلية بطرق مختلفة، لكنه لم يحقق الكثير من النجاح.
وحتى الآن، لم تكن الآليات التي تطبقها إيران للسيطرة على سوق العملة وفرض أسعار إلزامية من قبل سلطات النظام الإيراني فعالة، كما أن "سعر الصرف في السوق الحرة أعلى بكثير من السعر الرسمي الذي أعلنته الحكومة.. ونقص العملة بالسعر الحكومي دفع المشترين إلى السوق السوداء".
وفي محاولة لمراقبة السوق غير الرسمية للعملات، فقد جرم النظام الإيراني مجموعة واسعة من المعاملات "غير المصرح بها"، بما في ذلك المعاملات في الفضاء الإلكتروني. لكن يبدو أن "هذه الإجراءات لم تتمكن من التعامل مع انخفاض العملة المحلية".
وقال رئيس البنك المركزي، أمس الأحد 3 ديسمبر (كانون الأول)، إنه "ينبغي علينا اتخاذ خطوات تدريجية حتى يصبح مركز الصرف هو المرجع الرئيسي لسعر الصرف في البلاد".
وأعلنت سلطات النظام الإيراني مرارا أنها "أجرت معاملات تجارية مع دول حليفة لها باستخدام عملات مثل اليوان الصيني أو الروبل الروسي". حتى إن فرزين اقترح استبدال الدولار واليورو بهاتين العملتين، وقال: "إننا نتطلع إلى استبدال العملات المحلية في التعامل مع الجيران بما في ذلك العراق وتركيا وسوريا".
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها إيران للسيطرة على سوق العملات، فقد أشارت التقارير إلى احتمال حدوث انخفاض حاد في قيمة العملة المحلية.
ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، انخفضت قيمة الريال الإيراني بنسبة 1200 في المائة. وفي الوقت الحالي، يتم تداول كل دولار أميركي بأكثر من 500 ألف ريال إيراني، مما يظهر قفزة مزدوجة مقارنة بالعام السابق.
تجدر الإشارة إلى أنه مع اشتداد التوترات في المنطقة واحتمال تصاعد جبهات الصراع في لبنان واليمن والعراق وسوريا، واصل النظام الإيراني تقديم مليارات الدولارات لتوفير الأسلحة لقواته العسكرية في الداخل، والجماعات التابعة له في الخارج.