تلقت "إيران إنترناشيونال"، معلومات أفادت بأن سيد يحيى حسيني بنجشكي، المُلقب بـ "سيد يحيى حميدي"، وهو مساعد وزير المخابرات لشؤون الأمن الداخلي في إيران، هو العقل المدبر لعمليات الوزارة لاغتيال معارضي النظام في الخارج.
وقال مصدر في وزارة الدفاع الإيرانية، إن حسيني بنجشكي هو من الجيل الجديد من مديري المخابرات الذين يثق بهم المرشد الإيراني، علي خامنئي.
وتقوم وزارة المخابرات في إيران، بالتعاون مع منظمة الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني، بتنفيذ أهم الأنشطة التخريبية للنظام الإيراني في الخارج منذ سنوات عديدة.
لكن المعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال" تظهر أن وزارة المخابرات لديها هيكل أكثر تماسكًا من الحرس الثوري الإيراني، فيما يتعلق بالعمليات الخارجية.
وستكشف "إيران إنترناشيونال"، من خلال التقرير التالي، عن هوية هذا الشخص لأول مرة:
مَن هو "سيد يحيى حسيني بنجشكي"؟
وُلِدَ يحيى حسيني بنجشكي في 23 يناير (كانون الثاني) عام 1975 في مدينة كرج، غرب العاصمة الإيرانية، طهران.
وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة آزاد تبريز في طهران، وتم نشر اثنين من مقالاته في المجلات العلمية؛ الأول كان بعنوان: "دور الشائعات والتهديدات الهجينة في البيئة الأمنية"، والذي تم نشره في مجلة الأمن القومي الصادرة عن وزارة الدفاع، والآخر جاء تحت عنوان: "الإرهاب التكفيري في الفضاء السيبراني واستراتيجيات التعامل معه"، والذي تم نشره في مجلة الدراسات الاستراتيجية للفضاء السيبراني الفصلية التابعة لجامعة الدفاع الوطني.
وقام بتأسيس مقر "الشهيد سليماني" في وزارة المخابرات، والذي يتولى تنفيذ العمليات التخريبية في العالم، بالتعاون مع أجهزة استخبارات النظام الإيراني، ومساعدة الحرس الثوري.
ويشير اسم هذا المقر إلى خطة النظام الإيراني للانتقام لمقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
وذكر مصدر استخباراتي، أن يحيى حسيني لديه علاقة وثيقة للغاية مع الحرس الثوري، حتى أنه سافر إلى سوريا ولبنان عدة مرات، ويتعاون مع حزب الله وفيلق القدس من خلال تبادل المعلومات بين وزارة الاستخبارات والحرس الثوري وفرقهما العملياتية.
ومع ذلك، وبحسب تصريحات هذا المصدر، فإن كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإيراني لا يتفقون كثيراً مع طموحات هذا المسؤول الكبير في وزارة المخابرات.
ويشغل يحيى حسيني، بالإضافة إلى منصب مساعد وزير المخابرات في شؤون الأمن الداخلي، منصب رئيس مكتب شؤون إسرائيل في هذه الوزارة أيضًا.
وقال مصدر استخباراتي لـ "إيران إنترناشيونال"، إن هذه المسؤولية المزدوجة أتت بقرار من المرشد علي خامنئي، الذي أعطى الأولوية للأنشطة الهجومية ضد إسرائيل، ونتيجة لذلك، تم تخصيص المزيد من الموارد المالية والبشرية لهذا القطاع.
وكان سعيد هاشمي مقدم يشغل منصب مساعد الأمن الداخلي في وزارة المخابرات، قبل أن يتولاه حسيني بنجشكي.
وتم فرض عقوبات على هاشمي مقدم البالغ من العمر 62 عامًا، وهو أحد أقدم مديري وزارة الاستخبارات، من قبل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بعد الكشف عن مؤامرة تفجير باريس، وعلى الرغم من أن قسم شؤون وزارة الأمن الداخلي الإيرانية لا يزال مدرجًا على قائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي، إلا أن اسم حسيني بنجشكي لم تتم إضافته بعد إلى هذه القائمة حاليًا.
وكان الهدف من هذه المؤامرة هو تفجير مؤتمر منظمة مجاهدي خلق في باريس، لكن الخطة لم تنفذ بعدما اكتشفتها الشرطة الفرنسية.
الآلية الإرهابية لوزارة المخابرات الإيرانية
ترسل وزارة المخابرات في إيران عناصرها إلى الخارج؛ للقيام بالعمليات الإرهابية بطريقتين مختلفتين:
الطريقة الأولى هي إرسال هذه العناصر تحت غطاء العمل الدبلوماسي بوزارة الخارجية، ويتمركز العديد من هؤلاء في سفارات وقنصليات إيران في الخارج.
أما المسار الثاني فهو إرسال العناصر الاستخباراتية- العسكرية تحت غطاء النشاط التجاري.
ويخطط هؤلاء الأشخاص لخطط الاغتيال والخطف والتخريب، لكن تنفيذ الخطط عادة ما يكون من مسؤولية الوكلاء، حتى لا يبقى أي أثر لوزارة المخابرات، التي يُعد كبار تجار المخدرات أهم أدواتها الرئيسة لتنفيذ هذه العمليات.
وبُناءً على هذه الآلية، قامت وزارة المخابرات بعدة عمليات في أوروبا، ومن أهمها مخطط تفجير مؤتمر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المُعارِضة، في باريس، والذي دبره أسد الله أسدي، السكرتير الثالث لسفارة إيران في النمسا.
وفشلت المؤامرة، وتم اعتقال أسدي، الذي حُكم عليه بالسجن 20 عامًا، لكن بروكسل بادلته بمواطن بلجيكي مسجون في إيران.
ومن العمليات الأخرى اغتيال محمد رضا كلاهي صمدي، عضو منظمة مجاهدي خلق، الذي اتُهم بالتورط في تفجير مبنى حزب "جمهوري إسلامي"، وعاش بهوية أخرى لفترة طويلة، وقُتل قبل 9 سنوات أمام منزله في مدينة ألمير بهولندا.
وبعد ذلك بعامين، قُتِل أحمد مولا نيسي، أحد الناشطين السياسيين العرب، في لاهاي بهولندا.
وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن حلقة اتصال وزارة المخابرات بهاتين الجريمتين كان رضوان تقي، وهو عنصر إجرامي ذو أصول مغربية.
كما قام فرع شؤون الأمن الداخلي بوزارة المخابرات باغتيال سعيد كريميان، مدير قناة "جم تي في"، وقتل مسعود مولوي، مدير قناة "بلاك باكس" على التلغرام، وكلاهما تم اغتياله في العاصمة التركية، إسطنبول.
وكشف صحافي من تركيا، قبل أربع سنوات، أن محمد جواد آذري جهرمي، وزير الاتصالات آنذاك، تحدث معه هاتفيًا وهدده، قبل يوم من مقتل مسعود مولوي.
والجدير بالذكر أن آذري جهرمي، الملقب بـ "جواد ناظريان"، هو موظف رسمي في وزارة المخابرات الإيرانية.
واعتقل جهاز الأمن التركي محمد رضا ناصر زاده، الموظف في قنصلية إيران بتركيا، لدوره في اغتيال مولوي، ولكن سرعان ما أُطلق سراحه وعاد إلى طهران.
وكشفت وثائق المحكمة الخاصة بالمتهمين باغتيال مولوي أنهما كانا يعملان لدى اثنين من كبار مسؤولي وزارة المخابرات الإيرانية يدعيان "حاجي" و"حاجي آقا".
وقامت وزارة المخابرات الإيرانية، بتنفيذ هذه الاغتيالات، بواسطة أحد وكلائها، ويُدعى ناجي شريفي زندشتي، وهو مهرب دولي فرّ من تركيا، ويعيش حاليًا بمدينة أورمية الإيرانية، ويقوم بنقل المخدرات إلى أوروبا تحت ستار منظمة خيرية، بالتعاون مع الحرس الثوري.
واختطفت مجموعته فرج الله جعب، وهو مواطن إيراني- سويدي من معارضي النظام، من إسطنبول، وسلمته إلى وزارة المخابرات في إيران، وتم إعدامه في مايو (أيار) من العام الماضي.
وهناك ثلاث مجموعات وراء هذه الأنشطة الإرهابية للنظام الإيراني من عمليات الاختطاف والقتل والاغتيال، وهي وزارة المخابرات، وسفارات إيران، والمهربون الدوليون.
ويشرف على كل هذه الآليات، يحيى حسيني بنجشكي، الرجل الثاني في وزارة المخابرات الإيرانية.