سيكون مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، والذي يرتبط اسمه ارتباطا وثيقا بالحدث الكبير المتمثل في حرب غزة، حدثا سياسيا مهما سيؤثر على وضع إيران الداخلي والإقليمي والدولي.
هذا الحدث سيؤثر بشكل مباشر على الأوضاع الداخلية للسياسة الإيرانية وعملية تشكيل حكومة مسعود بزشكيان، التي بدأت للتو. ومن ناحية أخرى، يمكن اعتبار هذا الحادث نتيجة "للفساد الهيكلي" في نظام الجمهورية الإسلامية.
وفيما يلي سنذكر بعض تأثيرات هذا الحدث وآثار الفساد في نظام الجمهورية الإسلامية، لكن لا يمكن التنبؤ بالاتجاه الدقيق لهذه التأثيرات.
تغيير ومراجعة اختيار الوزراء
إن الحدث المهم وغير المتوقع المتمثل في مقتل إسماعيل هنية في قلب طهران سيجذب انتباه الحكومة ومسؤولي النظام، وسيعطل تركيزهم على عملية تشكيل الحكومة واختيار الوزراء، وتنفيذ الخطط.
وقد حظي هذا الحدث بتغطية إعلامية واسعة النطاق، واهتمام الرأي العام المحلي والعالمي. وفي مثل هذه الحالات، قد يؤثر على الأوضاع الداخلية، مثل تعيين الوزراء، أو قد تواجه قرارات التعيين المزيد من الحساسية، بل ومن المحتمل إجراء مراجعة لها.
مقتل هنية والمسار السياسي لحكومة بزشكيان
ومع تزايد التوترات الإقليمية أو الدولية، سيضطر نظام الحكم والحكومة الرابعة عشرة إلى تغيير أولوياتهما. على سبيل المثال، إذا زادت العقوبات أو الضغوط الدولية، سيتم التركيز بشكل أكبر على قضايا السياسة الخارجية والأمن.
وإذا أدى مقتل هنية إلى تغييرات كبيرة في علاقات إيران الخارجية، فإن هذا الموضوع قد يؤثر على عملية اختيار وزراء جدد، خاصة في الوزارات المرتبطة بالسياسة الخارجية والأمنية. وقد تكون الحاجة إلى وزراء ذوي خبرة وقدرات خاصة محسوسة مطلوبة أكثر في الظروف الجديدة.
وإذا أدى مقتل هنية إلى تغييرات في سياسات المنطقة، والتي تشمل إيران بطريقة أو بأخرى، فقد تتزايد الضغوط السياسية الداخلية من أجل تعيين أشخاص معينين كوزراء.
ضعف النظام الأمني والاستخباراتي
يعد مقتل هنية أحد الآثار طويلة المدى للفساد الاقتصادي والسياسي المؤسسي في نظام الجمهورية الإسلامية.
ومن الممكن أن يلعب الفساد الاقتصادي- الإداري في إيران دوراً مهماً في نفوذ إسرائيل في الأجهزة الأمنية الإيرانية.
ويمكن تقييم هذا الدور بعدة طرق وبشكل ملحوظ:
-سوء استخدام الموارد والمرافق: يؤدي الفساد الاقتصادي- الإداري إلى سوء استخدام الموارد والمرافق الحكومية، وانتشار المحسوبية. ويستخدم الأفراد والعصابات الفاسدة مناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية أو لنقل المعلومات إلى أطراف أجنبية، بما في ذلك إسرائيل. وسيؤدي ذلك إلى ظهور جميع أنواع الأخطاء، وضعف الحفاظ على المعلومات الحساسة، وحتى بيعها للأجانب.
-انخفاض الكفاءة والرقابة: يؤدي الفساد الهيكلي والمؤسسي إلى انخفاض كفاءة وفعالية الأنظمة الرقابية في الأجهزة الأمنية. ومن الطبيعي أنه عندما تعجز المؤسسات الرقابية عن أداء واجباتها بسبب الفساد، تزداد احتمالية النفوذ الأجنبي.
-إضعاف معنويات الموظفين: يؤدي الفساد الاقتصادي والإداري إلى إضعاف معنويات وحافز موظفي الأمن. وعندما يشعر الموظفون أن مديريهم وزملاءهم فاسدون، فإنهم يفقدون التزامهم بالأمن القومي، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الإهمال في العمل أو حتى التعاون مع أجهزة أمنية أجنبية.
-تسهيل التجسس: يقوم الأفراد الفاسدون في جهاز المخابرات والأمن ببيع معلومات حساسة لإسرائيل لتلقي رشاوى أو حماية مصالحهم الشخصية. ويمكن أن تتضمن هذه المعلومات تفاصيل العمليات الأمنية أو هوية العملاء السريين أو المعلومات الاستراتيجية.
لقد فتح الفساد الاقتصادي والإداري العميق والمؤسسي في النظام المجال أمام النفوذ الأجنبي.
-معوقات مكافحة النفوذ الأجنبي: إن الفساد المذكور في بنية نظام الجمهورية الإسلامية يحول دون اتخاذ إجراءات فعالة لتحديد عوامل النفوذ والتعامل معها. على سبيل المثال، قد يقوم الأفراد الفاسدون بعرقلة التحقيقات في عمليات النفوذ المشتبه بها أو حتى منع القبض على المتسللين.
وبهذا يمكن القول إن مقتل هنية في طهران هو نتيجة للفساد الاقتصادي والسياسي، وسيؤثر على مسار تشكيل الحكومة وعلى النظام الإيراني في الوقت ذاته.