بعد مرور أسبوعين على اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أثناء زيارته لطهران في هجوم نسب للموساد، لا يزال الشرق الأوسط ينتظر الرد الإيراني الموعود. وبافتراض وقوع الرد، ما المواقع الإسرائيلية التي ستستهدفها إيران، وما المواقع التي ستكون هدفاً للرد الإسرائيلي؟
في الوقت الذي تقول فيه مصادر موثوقة إن المرشد الإيراني، علي خامنئي، أمر بشن هجوم مباشر على إسرائيل من قبل الحرس الثوري من أجل الانتقام لمقتل هنية، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "نراقب التطورات المتعلقة بإيران مع الولايات المتحدة وشركائنا الآخرين باستخدام كل القدرات".
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، الثلاثاء 13 أغسطس (آب)، طلب ألمانيا وبريطانيا وفرنسا من طهران الامتناع عن مهاجمة إسرائيل بأنه "وقح ومبالغ فيه".
وقال علي باقري كني، القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني بالإنابة، إن إيران سترد بالتأكيد على إسرائيل.
تأكيد إيران على "سفك الدماء"
السؤال الذي طرحه العديد من مواطني إيران وإسرائيل في الأيام الأخيرة هو: كيف سيكون شكل الهجوم الإيراني المحتمل على إسرائيل؟
يتوقع المسؤولون الحكوميون الإسرائيليون أن يكون مثل هذا الهجوم مختلفًا عن المعتاد.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت: "أعداؤنا يهددون بإيذائنا بطريقة غير مسبوقة. نسمع هذه الرسائل من إيران وحزب الله".
فيما قالت شخصيات سياسية قريبة من النظام الإيراني، منذ الساعات الأولى من نبأ مقتل هنية، إن طهران سترد بشكل مختلف على هجومها بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل في أبريل (نيسان) الماضي.
وبعد مقتل هنية، قال خبير إيراني: "يجب أن تسفك دماء" في هجوم إيران على إسرائيل.
ووعدت صحيفة "كيهان"، التابعة لخامنئي، في مقال سابق، بأن إيران هذه المرة ستشن هجوما أوسع نطاقا وأكثر إيلاماً من المرة السابقة، بإطلاق صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت باتجاه تل أبيب وحيفا، وتحديداً مقر إقامة بعض المسؤولين الإسرائيليين.
وشددت "كيهان" على أنه ستلحق خسائر فادحة بإسرائيل في عملية خاصة.
ثلاثة أهداف محتملة للنظام الإيراني
وتقول مصادر مطلعة إن إيران تراقب ثلاثة أهداف رئيسية في إسرائيل لشن هجمات عليها.
أحد أهداف إيران هو "كيريا" في مدينة تل أبيب، حيث تنظم عائلات الرهائن الإسرائيليين باستمرار تجمعات احتجاجية وتطالب بالإفراج عن الرهائن.
وتعتبر "كيريا" مركزًا للعديد من المواقع العسكرية الاستراتيجية لإسرائيل، وأهمها وزارة الدفاع ومقر الجيش الإسرائيلي.
ويعد معسكر "روبن"، الذي كان يُطلق عليه اسم "المعسكر 128"، ومقر القوات الجوية، ومقر البحرية، وقيادة العمق، ومقر قيادة الحاخام العسكري، من بين المراكز الحساسة الموجودة في "كيريا".
بالإضافة إلى ذلك، يوجد مركز تحت الأرض في نفق في "كيريا" حيث يعقد رئيس الوزراء وكبار المسؤولين العسكريين اجتماعات لاتخاذ قرارات مهمة.
الهدف الثاني الذي تم تحديده في إسرائيل هو مركز القوة البحرية الإسرائيلية في مدينة حيفا الساحلية.
وقبل شهرين، أثار قيام طائرة تجسس مسيرة تابعة لحزب الله بتصوير هذا الميناء الحساس جدلاً في إسرائيل. وتخطط طهران لمهاجمة هذا الهدف بدعم من حزب الله.
والهدف الثالث هو الركن الاستخباراتي للجيش الإسرائيلي في منطقة "جيلي لوت"، وسط إسرائيل. وهو مكان استراتيجي يعتبر أحد أهداف إيران في التقييمات.
لكن كل هذا له شرط مسبق مهم: أن تتمكن إيران من المرور عبر نظام الدفاع الجوي المعروف باسم "القبة الحديدية".
وعلى الرغم من أنه في هجوم طهران في شهر أبريل (نيسان)، تمكن عدد محدود من الطائرات المسيرة والصواريخ التي تم إطلاقها، من اختراق هذا الجدار، فإنها لم تتمكن من استهداف مواقع مهمة.
ماذا سيكون رد إسرائيل؟
إن أي هجوم من قبل إيران على إسرائيل لن يمر دون رد.
وقد ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، يوم الثلاثاء 13 أغسطس (آب)، أن تل أبيب بعثت برسالة إلى الأوروبيين، مفادها أنه حتى لو لم يخلف الهجوم الإيراني المحتمل خسائر، فإن إسرائيل ستهاجم إيران.
وتقول مصادر مطلعة إن مخازن الغاز القريبة من إحدى المدن الجنوبية لإيران أو مخزن غاز آخر بالقرب من المراكز النووية ستكون على الأرجح أحد الأهداف المحتملة لإسرائيل.
وتدرس الدولة العبرية أيضاً استهداف عدة ناقلات نفط إيرانية؛ وفي الواقع، كان الهجوم المشترك لإسرائيل والولايات المتحدة على ميناء الحديدة في اليمن مقدمة لمثل هذا الهجوم المحتمل.
من ناحية أخرى، تراقب إسرائيل مركز قيادة الدفاع الجوي الإيراني الرئيسي في الصحراء بين شاهرود وسمنان كهدف محتمل.
إن مهاجمة هذا المركز سوف يعرقل إيران من الناحية الدفاعية. ولهذا السبب، نشرت طهران في الأيام الأخيرة عدة وحدات من نظام "مجيد" للدفاع الجوي حول مراكز مهمة في البلاد، وهو نظام متنقل وخفيف يتم تركيبه على السيارة.
ويأتي هذا الرد في حال لم يكن هناك ضحايا في الهجوم الإيراني، ولكن إذا سفكت الدماء على أرض إسرائيل بناء على طلب خامنئي، فإن المراكز الإدارية النووية للنظام الإيراني سوف تكون هدفاً لإسرائيل.
وتشير التقديرات إلى أن تل ابيب وطهران لا تتطلعان إلى حرب واسعة النطاق، لكن السيطرة على الميدان بعد إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة ليس بالأمر السهل.
والآن يخيم شبح الحرب من جديد على إيران، وقد يشعل "الانتقام لمقتل ضيفها" نيرانها.