يقدم العديد من العمال في إيران شكاوى ضد أرباب العمل، بعد تعرضهم للفصل أو التعنت، مطالبين بحقوقهم، لكن معالجة هذه الشكاوى في لجان فض المنازعات في إدارات العمل تستغرق فترة طويلة، مما يترك بعض العمال وأسرهم بلا دخل لمدة تصل إلى ستة أشهر، ويعرضهم لمشاكل عديدة.
وقالت وكالة "إيلنا"، المعنية بحقوق العمال في إيران، في تقرير لها: "تخيل عاملاً لم يتقاضَ راتبه لمدة ثلاثة أشهر، وبعد موسم كامل من عدم الحصول على الأجر، يتم طرده، أو كما يصفه المستثمرون في الوقت الحالي، يتم تعديله". وأضافت الوكالة: "في مثل هذه الحالة، لا يكون أمام العامل سوى اللجوء إلى لجان فض المنازعات في إدارات العمل لاسترداد حقوقه".
وأشار كاتب التقرير إلى أن عملية معالجة شكاوى العمال في لجان فض المنازعات بإدارات العمل تستغرق وقتًا طويلاً، قائلاً: "عندما يدخل العامل إلى النظام ويسجل شكواه، لا ينتظر أيامًا أو أسابيع، بل يجب أن ينتظر لأشهر حتى تتم معالجة قضيته".
يُذكر أن ممثلي الحكومة وأرباب العمل في المجلس الأعلى للعمل، قد توصلوا في 10 مارس/ آذار الماضي، إلى اتفاق لزيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 35 بالمائة للعمال لعام 2024.
وبناءً على هذا الاتفاق، تم تحديد الحد الأدنى للأجور للعمال لعائلة مكونة من أربعة أفراد بمبلغ 12 مليونًا و107 آلاف تومان (نحو 200 دولار).
وانتقد آرمين خوشوقتي، خبير في القانون والعلاقات العمالية، التأخير الطويل في معالجة شكاوى العمال، وقال لوكالة "إيلنا": "أحيانًا يصل انتظار العامل المشتكي إلى ستة أشهر، لدينا حالات لعامل لم يتقاضَ راتبه لثلاثة أشهر، واضطُر إلى الانتظار ستة أشهر أخرى حتى يتم معالجة شكواه".
ووجه الناشط العمالي إحسان سهرابي، انتقادًا أيضًا إلى العملية الطويلة وغير العادلة لمعالجة شكاوى العمال، مشيرًا إلى أن سلوك بعض أرباب العمل غير عادل وغير منصف، فهم لا يدفعون حقوق العمال ولا يجيبون مطالبهم.
أوضح سهرابي أن أرباب العمل هؤلاء يتبعون دائمًا المصالح الاقتصادية لغرفة التجارة، وأن العمال المستضعفين يتيهون في ممرات إدارات العمل في المحافظات، ويعانون "القلق من إثبات دعواهم أو رفض طلبهم أو حتى التلاعب من جانب أرباب العمل".
وأكد هذا الناشط المدني أن العمال في المحافظات المكتظة بالسكان يتأخرون كثيرًا في الحصول على حقوقهم، لدرجة أن هذه الحقوق تصبح أشبه بإعانات بسيطة، وليست حقوقًا فعلية.
وقال سهرابي إن بعض القضايا تستغرق أكثر من ستة أشهر حتى يتم إصدار الحكم فيها، وإن هذه الطريقة في معالجة شكاوى العمال تشكل تحديات خطيرة لأسرهم.
وطالب وزير التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية بإصدار توجيهات لوقف "الإحالة بالتقطير" لملفات شكاوى العمال.
وصرّح مجيد رحمتي، رئيس لجنة الأجور في نقابة مجالس العمل في محافظة طهران، في 10 مارس الماضي، بأن تكلفة المعيشة لأسرة مكونة من أربعة أفراد في طهران تقدر بـ 32 مليونًا و850 ألف تومان، بينما تصل هذه التكلفة على مستوى البلاد إلى 26 مليونًا و550 ألف تومان.
وأظهرت النتائج أن هناك فجوة قدرها 15 مليون تومان بين الحد الأدنى للأجور، الذي حدده المجلس الأعلى للعمل لعام 2024 وتكلفة المعيشة، التي أعلنها رئيس لجنة الأجور في نقابة مجالس العمل في طهران لعائلة مكونة من أربعة أفراد.
وتُظهر كل هذه المؤشرات، بجانب عدم دفع مستحقات العمال والتأخير في معالجة شكاواهم، أن وضع العمال في إيران قد تدهور، مقارنة بالسنوات السابقة، وأن أسرهم تعاني مشاكل كبيرة.
وأشارت وكالة "إيلنا"، في نهاية التقرير، إلى أن المشاكل الاقتصادية الكبيرة، وسوء علاقات العمل تجعل من الصعب على العامل، الذي لم يتقاضَ راتبه لعدة أشهر وطُرد من قِبل رب عمله الجشع، الحصول على حقوقه في غضون شهر أو شهرين أو حتى ثلاثة أشهر.
وقد نظم العمال في جميع أنحاء إيران، على مدار السنوات الماضية، عدة احتجاجات وإضرابات؛ اعتراضًا على أوضاعهم المعيشية، وعدم دفع رواتبهم الشهرية، إلا أن مطالبهم لم تتحقق حتى الآن.