فيما بدأت طائفة البكتاشيين، وهي طائفة صوفية شيعية في منطقة البلقان وألبانيا، خطوات لتأسيس دولة مستقلة تحت اسم "الدولة المستقلة لطريقة البكتاشية" في ألبانيا. قلّل رئيس الوزراء الألباني، إيدي راما، من أهمية أي رد فعل من قِبل طهران على هذه الخطوة، قائلاً إنه لا يأبه لذلك.
تجدر الإشارة إلى أن نشاط هذه الطائفة محظور في إيران.
وأشار راما إلى أن بلاده قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع طهران في عام 2022 بعد اتهام إيران بتنفيذ هجوم سيبراني استهدف الحكومة والبنوك الألبانية، مضيفاً: "إيران هي آخر ما يثير قلقي".
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها أن إيران، التي تعتبر إحدى أكبر الدول الشيعية في العالم، لا تعترف بالطوائف الصوفية الشيعية مثل البكتاشيين، بل تعتبرهم "مبتدعين في الدين".
ورغم أن هذه الخطوة قد تلقى ترحيباً من بعض الدول الغربية، فمن المحتمل أن ترفضها طهران.
وأضافت الصحيفة أن البكتاشيين يتعرضون لانتقادات من قبل بعض التيارات المحافظة الشيعية والسنية على حد سواء، بسبب "تفسيرهم الأكثر انفتاحاً للإسلام ونهجهم السلمي"، مما أدى إلى توترات طويلة الأمد بين نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهذه الطائفة.
التأثيرات الدولية
ورغم أن الدولة البكتاشية قد تكون صغيرة من حيث المساحة وعدد السكان، فإن تأسيسها في قلب أوروبا قد يؤدي إلى تداعيات دولية وإقليمية مهمة.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن "هذه الدولة قد تصبح رمزاً للتعايش السلمي بين الأديان، ووسيلة لتعزيز إسلام معتدل". ومع ذلك، قد ينظر إليها النظام الإيراني كتهديد للتفسيرات الأكثر تقليدية للإسلام، ما قد يسبب توترات جديدة في أوروبا.
في الوقت نفسه، تعمل الحكومة الألبانية على تمرير القوانين اللازمة للاعتراف بهذه الدولة، ومن المتوقع أن يتم إعلان الدولة البكتاشية الأولى في العالم قريباً إذا صادق البرلمان على هذه الخطوة.
خطة تأسيس دولة جديدة
بحسب تقرير "نيويورك تايمز"، طرح "بابا موندی"، الزعيم الروحي للبكتاشيين، هذا المشروع بدعم من راما. ومن المقرر أن تكون هذه الدولة الجديدة في شرق العاصمة تيرانا، على مساحة تُقدر بحوالي 10 هكتارات، وهو ما يعادل تقريباً نصف مساحة حديقة "آب و آتش" في طهران.
وتشير الخطط إلى أن الدولة الجديدة ستشبه علاقة الفاتيكان بإيطاليا، حيث ستكون سيادة البكتاشيين على هذا الإقليم مستقلة عن السيادة الألبانية. وسيُسمح في هذه الدولة بتناول المشروبات الكحولية، ولن تُفرض قيود على لباس النساء أو نمط حياتهن.
وأكد بابا موندی أن الدولة الجديدة لن تتبن القوانين الإسلامية الصارمة، مشيراً إلى أن الحريات الفردية ستكون مضمونة، قائلاً: "الله لم يحرّم شيئاً، ولهذا أعطانا العقل لنتفكر".
وأضاف أن تأسيس هذه الدولة يُعد معجزة، معرباً عن أمله في أن تحظى بدعم الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة.
فرقة البكتاشية
وتعود جذور البكتاشية إلى القرن السادس عشر، حيث نشأت كطائفة صوفية ضمن الإسلام السني، قبل أن تتبنى مبادئ التشيع، خاصة من خلال تقديس الإمام علي وأئمة الشيعة الاثني عشر. وتتميز الطائفة برؤيتها الخاصة تجاه تعاليم الإسلام، حيث يُسمح في طقوسها بشرب الكحول ورقص الرجال والنساء معاً.
وقد انتقلت قيادة الطائفة إلى ألبانيا بعد حظر الطرق الصوفية في تركيا عام 1967.
ومع سقوط الشيوعية في ألبانيا في أوائل التسعينيات، أُعيد إحياء تقاليد البكتاشية في البلاد.