رفض الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية، حسين سلاحورزي، الذي حُكم عليه مؤخرًا بالسجن والغرامة، مزاعم الحكومة بشأن التجارة الحرة مع أوراسيا، واصفًا إياها بـ "الفارغة والخادعة"، مشيرًا إلى أن تلك الاتفاقيات المبرمة لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، في ظل استمرار العقوبات الدولية.
وأشار، في مقابلة مع وكالة "إيلنا" الإيرانية، يوم أمس السبت، إلى أنه "خلال العامين الماضيين، ركزت الحكومة بشكل كبير على التجارة الحرة مع الاتحاد الأوراسي، وتم استغلال هذه الفكرة بشكل متكرر لأغراض سياسية وترويجية. وقد تزامنت هذه الجهود مع محاولة ضم إيران إلى مجموعات دولية أخرى مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون".
وأكد سلاحورزي أن "أيًا من هذه الجهود لم يُثمر عن نتائج اقتصادية ملموسة لإيران". وأرجع هذا الجمود إلى استمرار العقوبات الدولية، وفشل إيران في الامتثال لمتطلبات مجموعة العمل المالي (FATF)، مما أبقى البلاد على القائمة السوداء.
ونتيجة لذلك، يرى سلاحورزي أن الاتفاقيات المبرمة مع الدول الأخرى لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع.
ومن جهة أخرى، أعلن محمد علي دهقان دهنافي، نائب وزير الصناعة والمناجم والتجارة، يوم أمس الأول الجمعة، أن إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU) في المراحل النهائية من التفاوض على اتفاقية تجارة حرة. وأعرب عن تفاؤله بأن هذه الاتفاقية "ستسهم في تسهيل وزيادة حجم التبادل التجاري"، مما قد يمنح إيران دفعة اقتصادية، هي في أمس الحاجة إليها.
ولكن سلاحورزي لا يزال متشككًا، مشيرًا إلى أن الإدارة الحالية جاءت إلى السلطة على أساس شعارات ووعود برفع العقوبات وإخراج إيران من القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي.
وعلى الرغم من ترويج الحكومة إبرامها اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف، يرى سلاحورزي أن هذه الاتفاقيات ستكون غير فعالة، ما دامت العقوبات مستمرة وإيران غير ملتزمة بالقواعد المالية الدولية.
وقد طالبت مجموعة العمل المالي (FATF)، وهي هيئة دولية تراقب الامتثال للمعايير المالية العالمية، إيران مرارًا بالامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومع ذلك، فإن رفض إيران لتلك الشروط أبقاها معزولة عن النظام المالي العالمي؛ حيث يخشى التيار المتشدد داخل الحكومة الإيرانية أن الامتثال قد يقوّض قدرة طهران على تمويل وكلائها من الجماعات المسلحة مثل حزب الله وحماس، اللذين يشكلان ركيزة أساسية لاستراتيجية إيران الإقليمية.
وفي الوقت نفسه، تبدو فرص رفع العقوبات، من خلال التفاوض مع الغرب أقل احتمالية، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية.
ويواصل المتشددون في الحكومة الدعوة إلى سياسة أكثر تشددًا، خصوصًا في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وهو السبب الرئيس وراء العقوبات؛ حيث زعم النائب محمد مانع رئيسي، يوم أمس السبت، أن إيران قادرة على تطوير أسلحة نووية في غضون ستة أشهر، مما يزيد من حدة التوترات.
وقبل ذلك بأيام، دعا 39 نائبًا إيرانيًا المجلس الأعلى للأمن القومي إلى إعادة تقييم العقيدة الدفاعية للبلاد، بما في ذلك السعي المحتمل لامتلاك أسلحة نووية، في ظل تصاعد العداء مع إسرائيل.
الجدير بالذكر أن انتقادات سلاحورزي المستمرة للسياسات الاقتصادية الحكومية جعلته في مواجهة دائمة مع السلطة السياسية، وقد قوبل انتخابه رئيسًا لغرفة التجارة الإيرانية، في يونيو (حزيران) من العام الماضي، برد فعل عنيف من المتشددين ووسائل الإعلام الرسمية.
ويُعرف سلاحورزي بمواقفه الصريحة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كثيرًا ما ينتقد المسؤولين الحكوميين وسياساتهم، ويبدو أن الحكم الأخير ضده استند بشكل كبير إلى تغريداته، خصوصًا تلك التي دعّم فيها المحتجين وأدان السلطات خلال احتجاجات 2022.
ومن بين تغريداته البارزة: "أحيانًا يكون الألم شديدًا لدرجة أن كيانك كله يبكي، ما عدا عينيك"، مرفقة بهاشتاغات تشير إلى الفتيات المراهقات اللواتي قُتلن خلال الاحتجاجات.
وفي عام 2022، أفادت وكالة "إيكو إيران" بأن نائب المدعي العام في طهران أصدر لائحة اتهام ضد سلاحورزي تتهمه بإهانة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، روح الله الخميني، والمرشد الحالي، علي خامنئي.
وبعد نزاع استمر قرابة عام عقب انتخابه، أُقيل سلاحورزي في النهاية من منصبه كرئيس لغرفة التجارة، وفي سبتمبر (أيلول) 2023، أفادت وكالة "ميزان" التابعة للقضاء الإيراني بأن محكمة استئناف طهران حكمت عليه بالسجن لمدة ستة أشهر وفرضت عليه غرامة بتهمة "نشر الأكاذيب".