دعا مركز حقوق الإنسان في إيران (CHRI) الأمم المتحدة والدول الأعضاء إلى محاسبة السلطات الإيرانية فوراً على القمع الدموي للاحتجاجات التي وقعت في 2019، مع اقتراب الذكرى الخامسة للانتفاضة.
وقال المركز، وهو منظمة غير ربحية مستقلة ومقرها الولايات المتحدة، في بيان يوم الأربعاء: "لم يُحاسب أي مسؤول حتى الآن على استخدام القوة المميتة التي أودت بحياة المئات، إن لم يكن أكثر من ألف محتج".
وقد اندلعت احتجاجات 2019 في نوفمبر (تشرين الثاني) بسبب زيادة مفاجئة في أسعار الوقود، وواجهتها القوات الأمنية باستخدام الذخيرة الحية والأسلحة الثقيلة والاعتقالات الواسعة.
وكانت القوات الأمنية قد نفذت سياسة "إطلاق النار للقتل" بأوامر من أعلى المستويات، بما في ذلك المرشد الإيراني الذي أمر المسؤولين “بفعل كل ما يلزم لإنهائها"، وفقاً لتقرير نشرته "رويترز" في ذلك الوقت. وأسفر القمع عن مقتل ما لا يقل عن 1,500 شخص، وفقاً للتقرير نفسه، كما شمل قطعاً شاملاً للإنترنت في جميع أنحاء البلاد لمنع كشف حجم عمليات القتل.
وحذّر مركز حقوق الإنسان في إيران من أن إفلات السلطات الإيرانية من العقاب أدى إلى مزيد من إراقة الدماء، بما في ذلك احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" في عام 2022، والتي أشعلتها وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى "شرطة الأخلاق"، حيث قتلت القوات الأمنية أكثر من 500 متظاهر.
وقال هادي قائمي، المدير التنفيذي للمركز: "تعلمت السلطات الإيرانية أنها تستطيع ارتكاب القتل الجماعي دون تكلفة تُذكر، ولذلك تكرر ذلك مراراً وتكراراً".
ودعا المركز الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق في أحداث نوفمبر 2019، وحث على اتخاذ إجراءات دولية لمعالجة الاستخدام المستمر للقوة المميتة ضد المدنيين واستهداف العائلات التي تسعى لتحقيق العدالة بشكل منهجي.
كما شجعت الدول الأعضاء على ملاحقة المسؤولين الإيرانيين المتورطين في هذه الانتهاكات بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية إذا دخلوا أراضيها.
استمرار الاعتقالات وأحكام الإعدام للمتظاهرين
أشار مركز حقوق الإنسان في إيران إلى أن الحكومة الإيرانية واصلت ملاحقة ومعاقبة متظاهري 2019، واعتمدت بشكل متزايد على عقوبة الإعدام كوسيلة لإسكات المعارضة.
وفي سبتمبر (أيلول) 2024، حُكم على بطل الملاكمة الإيراني محمد جواد وفايي-سني بالإعدام لمشاركته في الاحتجاجات، رغم قرار سابق للمحكمة العليا بإلغاء حكمه. كما يواجه متظاهر آخر، عباس دريس، حكماً بالإعدام بعد إدانة قيل إنها استندت إلى اعترافات قسرية.
وفي أغسطس (آب) الماضي، استدعي ماتين حسني، الذي فقد إحدى عينيه خلال الاحتجاجات، لتنفيذ حكم بالسجن لمدة 31 شهراً لدعمه عائلات الضحايا وسعيه لتحقيق العدالة.
اضطهاد عائلات الضحايا
وسلطت منظمة حقوق الإنسان الضوء على أن عائلات القتلى في احتجاجات 2019 تعرضت للمضايقات والاعتقالات والسجن بسبب محاولاتهم طلب العدالة.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حُكم على فرزاد مؤذني جودارزي، ابن عم المحتج القتيل رضا مؤذني جودارزي، بالسجن خمس سنوات بتهمة "التجمع والتآمر ضد الأمن القومي".
وفي سبتمبر، حُكم على والدتي اثنين من المحتجين القتلى، محبوبه رمضاني ورحيمه يوسفي زاده، بالسجن لمدة 18 شهراً بتهم من بينها "الدعاية ضد النظام، والانتماء إلى مجموعة أمهات ضحايا نوفمبر 2019، وإهانة المرشد".
وتعرضت أسرة بويا بختياري، أحد القتلى في 2019، لملاحقات مماثلة. حيث حُكم على والده منوشهر بالسجن 18 عاماً في وقت سابق من هذا العام، بينما تقضي والدته ناهيد شيربيشه حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات. كما اعتُقل عمه أريان شيربيشه، وتعرض عم آخر، مهرداد بختياري، للاعتداء بعد مناشداتهم العلنية لتحقيق العدالة.
وفي حديثه عن غياب المحاسبة، أكد سوران منصورنيا، عضو مجموعة "عائلات آبان للعدالة" وشقيق برهان الذي قُتل خلال الاحتجاجات، على الحاجة الملحة لتحقيق أممي، وقال: "مرت خمس سنوات وما زلنا غير متأكدين من الأمر الأكثر أهمية وهو عدد القتلى".
وأضاف: "يتطلب الأمر إرادة جماعية، ومطالبة جماعية، لكشف الجوانب غير المرئية من نوفمبر 2019. نحن نتعامل مع فئة اجتماعية فقيرة لا تملك وسائل لتوصيل معاناتها، فئة لا تملك الوصول إلى الإعلام أو العالم الخارجي".