بعد أن تحولت الرياضة إلى عامل رئيسي من عوامل السياسة في إيران جاءت نتيجة مباراة ليلة أمس بين المنتخب الإيراني ومنافسه الأميركي ضمن بطولة كأس العالم في قطر لتعزز جانب معارضي النظام والمشاركين في الموجة الحالية من الاحتجاجات الشعبية في البلاد.
فبعد تخوف لدى المعارضين من استغلال النظام لفوز منتخب إيران، وصعوده إلى الدور ثمن النهائي من نهائيات كأس العالم 2022 لإنهاء الانتفاضة الشعبية، جاءت هزيمة المنتخب الإيراني في الاتجاه المعاكس لما كان يريده النظام، لتصبح الهزيمة وقودا جديدا للمعارضين بعد أن تجلى ذلك في الاحتفالات التي امتدت لساعات متأخرة من ليلة الثلاثاء.
ويأتي احتفال الإيرانيين في الداخل تعبيرا عن ابتهاجهم بهزيمة المنتخب الذي كانوا قد طالبوه بالامتناع عن المشاركة في المونديال احتجاجا على قمع النظام، لكن لاعبي المنتخب لم يلبوا نداءات الشعب المتظاهر مند أكثر من شهرين، وقبلوا أن يكونوا ممثلين للنظام في كأس العالم، الأمر الذي أثار غضب الشارع الإيراني وجعله يحتفل بهزيمة منتخبه أمام منافسه الأميركي.
وفي تغطية الصحف اليوم، الأربعاء 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، كان موضوع خروج إيران من البطولة بعد الخسارة أمام المنتخب الأميركي الموضوع الرئيسي، إذا حاولت الصحف تقديم تحليلات عن أسباب الهزيمة والوداع المبكر من المونديال، وفشل إيران في تحقيق حلمها الأول في الصعود إلى دور الـ16.
واللافت في تغطية صحف اليوم هو هجوم الصحف الأصولية على المنتخب بعد أن كانت قبل المباراة تشيد بوطنية اللاعبين وصلابتهم، فهذه صحيفة "فرهيختكان" الأصولية تعنون حول الموضوع، وتكتب "الهزيمة خوفا من الهزيمة"، وقالت إن المنتخب الإيراني واجه أميركا وكل ما كان يتأمله هو التعادل ليُمنى بـ"هزيمة تاريخية" أمام خصمه اللدود.
كما عنونت صحيفة "اترك" حول هذه الهزيمة وكتبت: "نتيجة الاعتماد على العجائز" في إشارة إلى مدرب المنتخب الإيراني كارلوس كيروش.
في شأن متصل بالرياضة انتقدت صحيفة "آفتاب يزد" الإصلاحية إرسال النظام الإيراني للمقربين إليه من الصحفيين والمراسلين إلى قطر على نفقة الدولة، موضحة أن هؤلاء الإعلاميين الذين قد تجاوزت أعدادهم الحد المسموح يستغلون أموال بيت المال للاستفادة الشخصية.
وكان كثير من المراقبين والمعارضين للنظام قد أشاروا إلى قيام السلطات الإيرانية بإرسال أنصارها إلى قطر، بعد عزوف المواطنين الإيرانيين عن المشاركة في هذا المونديال، تضامنا مع الانتفاضة الشعبية في البلاد.
من الموضوعات الأخرى في صحف اليوم هو الاهتمام بزيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ولقائه بالمرشد خامنئي حيث خصصت صحيفة "كيهان" مانشيت اليوم للحديث حول الموضوع، واعتبرت الزيارة بأنها "استراتيجية".
في شأن آخر يستمر الحديث في صحف إيران وإعلامها حول موضوع تشكيل "لجنة تقصي حقائق" لمعرفة أبعاد الانتهاكات الحقوقية التي حدثت في إيران خلال قمع السلطات للانتفاضة الشعبية.
ورفضت طهران أي تعاون مع اللجنة المعينة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ليشكل ذلك مرحلة جديدة من التصعيد بين إيران والمجتمع الدولي.
ونقلت صحيفة "ابرار" كلام البرلماني الإيراني، فدا حسين مالكي، حيث ادعى أن "تشكيل لجنة تقصي حقائق هو مؤامرة سياسية على إيران".
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"توسعه إيراني": الحديث عن العلاقات الاستراتيجية بين إيران والعراق غير مفيد
علقت صحيفة "توسعه إيراني" على تصريحات المرشد خامنئي خلال لقائه برئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، حيث ادعى خامنئي أن أمن العراق من أمن إيران، وشدد على ضرورة توسيع العلاقات الاقتصادية بين طهران وبغداد.
وانتقدت الصحيفة هذه المحاولات من النظام، وأشارت إلى دور إيران في سوريا، وحديثها القديم عن التعاون الاستراتيجي بين البلدين، ليتبين أن موضوع العلاقة الاستراتيجية هي مجرد "حبر على ورق"، وإن حصة إيران من الأسواق السورية بعد التكاليف العسكرية والبشرية والاقتصادية الهائلة لإيران في سوريا لا تعد شيئا إذا ما قورنت بالدور التركي والصيني في الاقتصاد السوري.
"آفتاب يزد": عن ماذا يبحث السوداني في طهران؟
في شأن متصل تساءلت صحيفة "آفتاب يزد" عن الأهداف والغايات التي يسعى رئيس الوزراء العراقي تحقيقها من خلال زيارته إلى طهران، وأشارت إلى عاملين رئيسيين قد يكونا المحرك الأساسي لزيارته الجارية إلى إيران؛ الأول هو متابعة ملف الأحزاب الكردية الإيرانية في العراق، والتوصل إلى تفاهمات مع النظام الإيراني حول هذا الموضوع، لا سيما بعد الهجمات المتكررة لنظام طهران على مناطق في إقليم كردستان العراق، بحجة استهداف هذه الأحزاب المعارضة للنظام الإيراني.
أما العامل الثاني وراء زيارة السوداني حسب صحيفة "آفتاب يزد" فهو القيام بوساطة بين طهران والرياض، وكذلك بين طهران وواشنطن، موضحة أن الحكومة العراقية تأمل في تحقيق نجاح على هذا الصعيد، وتعتقد أن ذلك سيساعد على استقرار الأوضاع في العراق.
"اعتماد": حقيقة صوت الشعب ومطالبه
في مقاله بصحيفة "اعتماد" أشار الناشط الإصلاحي عباس عبدي إلى تصريحات المرشد، علي خامنئي، قبل يومين خلال لقائه بمجموعة من قوات الباسيج، وهجومه على من يدعو إلى الاستماع إلى صوت الشعب، وتأكيده أن صوت الشعب هو الذي خرج في مراسم تشييع قاسم سليماني، وكذلك في احتجاجات أنصار النظام الذي خرجت قبل شهر بمناسبة يوم الطالب.
وانتقد عبدي هذه النظرة من المرشد خامنئي ورأى أنه من الخطأ حصر صوت الشعب على فئة خاصة من المواطنين وتجاهل الفئة الأخرى، مؤكدا أن الطريق الأمثل للتعامل مع الأزمات في إيران هو اعتبار أصوات الناس متعددة ومتنوعة، واحترام هذا التعدد وانعكاسه في المشهد السياسي، وشدد على أن تجاهل هذا التعدد أو إنكاره لن يعالج مشكلة.
كما أوضح عبدي أن أحد الطرق المعمول بها في العالم لمعرفة حقيقة رأي الناس ومواقفهم هو "إجراء استفتاء"، لكن هذا الأمر في إيران حاليا لن يحدث، موضحا أن الطرق البديلة لمعرفة ذلك هو قيام مؤسسات مستقلة بإجراء استطلاعات رأي من الشارع للوقوف على حقيقة "صوت الشعب" ومطالبه.