تصدرت أزمة الممرضين المشهد السياسي الإيراني بعد اتساع نطاق المظاهرات التي ينظمها الممرضون والممرضات منذ مطلع الشهر الجاري، وهي احتجاجات تميزت بالتنسيق والتنظيم الجيد، وأدت إلى توقف العمل في عدد من المستشفيات نتيجة الإضراب الشامل للمرضين.
صحف قليلة هي التي تناولت الموضوع، رغم انتشار المظاهرات وكثرة أخبار إضرابات الممرضين في وسائل التواصل الاجتماعي.
صحيفة "ستاره صبح" كانت من بين القلائل، وتناولت موضوع احتجاجات الممرضين، التي تحاول بعض الصحف التعتيم عليها وتجاهلها، في خضم الأخبار حول التشكيلة الحكومية ودراسة البرلمان لأوراق المرشحين للوزارات، وكذلك أخبار الحرب في غزة، والحديث عن وقف قريب لإطلاق النار.
الصحيفة تساءلت في صفحتها الأولى، اليوم الثلاثاء 20 أغسطس (آب)، بالقول: "ماذا يريد الممرضون؟"، مؤكدة أن أزمة الممرضين هي أزمة قديمة، وهي من تراث التيار الأصولي الذي كان يحكم البلاد منذ 3 سنوات، وانتهى بموت رئيسي في حادث تحطم مروحيته شمال غربي إيران.
من الملفات الأخرى التي لا تزال تحتل الصدارة في الصحف اليومية ملف الحكومة الجديدة، والتشكيلة الوزارية التي أعلن عنها الرئيس الجديد مسعود بزشكيان، بين مؤيد ومنتقد لها.
صحيفة "جمهوري إسلامي" وصفت حكومة بزشكيان بأنها "حكومة تعاني من غياب الانسجام والتنسيق، وأن الرئيس اختار كل وزير على الضد من الوزير الآخر"، وشككت في إمكانية أن تستطيع هذه الحكومة العمل على حل مشكلات إيران وأزماتها.
صحف أخرى مثل "جمله" طالبت النظام وصناع القرار في إيران على حل مشكلات طهران مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بشكل جذري وليس مؤقتا، حيث فُهم ذلك من تصريحات مرشح وزارة الخارجية عباس عراقجي، الذي قال بأنه سيعمل على "إدارة الصراع" من الولايات المتحدة، ونفى أن تقوم الحكومة بإنهاء هذا الصراع، كونه "صراعا متجذرا وغير قابل للانتهاء".
صحيفة "همدلي" تناولت موضوع "الوفاق الوطني" الذي كثر الحديث عنه في المشهد السياسي بعد فوز بزشكيان الإصلاحي، وقالت إن الأحرى أن يكون الوفاق (المصالحة) بين النظام والشارع الإيراني، وليس بين الفرقاء السياسيين من إصلاحيين وأصوليين، مشككة في فاعلية مثل هذا الوفاق إذا لم يشمل المواطن الإيراني البسيط.
والآن يمكن لنا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"جمله": على حكومة بزشكيان إنهاء الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية وليس فقط إدارته
دافعت صحيفة "جمله" عن مرشح وزارة الخارجية عباس عراقجي، ورأت فيه الخيار الأنسب لتولي هذا المنصب، ليكون مثالا واضحا على حكومة "الوحدة الوطنية" التي دعا إليها بزشكيان، حيث شغل عراقجي منصب مساعد وزير الخارجية في حكومة أحمدي نجاد الأصولية، وكذلك واصل نفس المنصب في حكومة روحاني، التي وُصفت بأنها حكومة "نصف إصلاحية".
مع ذلك انتقدت الصحيفة تصريحات عراقجي قبل أيام، عندما وعد بأنه سيقوم بـ"إدارة الصراع" مع الولايات المتحدة الأميركية وليس "إنهاؤه"، وهو ما تطالب به الصحيفة نظرا إلى ظروف البلاد الخاصة، التي تتطلب خفض التصعيد وإنهاء التوترات وليس إدارتها، كما وعد وزير خارجية إيران المحتمل.
وكتبت الصحيفة: إذا كان من المقرر أن يقوم عراقجي بإدارة الصراع فقط مع الولايات المتحدة الأميركية، فأي من وعود حكومة بزشكيان تكون قد تحققت، وهو الذي دعا إلى التعامل والانفتاح مع العالم.
وعن معنى "إدارة الصراع" الذي وعد به مرشح وزارة الخارجية، قالت الصحيفة: "إدارة الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية يعني أنه ليس هناك مفاوضات ولا حرب، لا سيما في ظل الاقتصاد المنهار والاستياء الشعبي الكبير من السلطة".
وأضافت الصحيفة أن إيران، ومنذ أكثر من عقدين، تقوم أساسا بإدارة الصراع مع أميركا، وبالتالي فهذه السياسة ليست جديدة لكي يعتبرها عراقجي رمزا لنجاح دبلوماسيته، وإدارة الصراع لم تضر الولايات المتحدة الأميركية قيد أنملة، لكنها دمرت الاقتصاد الإيراني ومعيشة الإيرانيين.
وختمت الصحيفة مخاطبة المسؤولين: "إدارة الصراع تعني تراكم الأزمات والمشكلات، وزيادة التوتر بين طهران وواشنطن، وتعني أن المسؤولين يهرعون إلى الوسطاء بعد أن يبلغ السيل الزبى، ويحتاجون لأن تفرج واشنطن عن أموال إيرانية مجمدة هنا وهناك، وهذا ليس في مصلحة الشعب".
"جمهوري إسلامي": حكومة بزشكيان "حكومة الأضداد" وليست حكومة وحدة وطنية وتعاني من غياب الانسجام
قالت صحيفة "جمهوري إسلامي" إن حكومة بزشكيان الحالية تصلح أن تسمى بـ"حكومة الأضداد"، وليست حكومة "وحدة وطنية"، ومثل هذه الحكومة لا يمكنها أن تلبي تطلعات الشعب الإيراني، ولا تحقق قائمة الوعود التي أعطاها الرئيس مسعود بزشكيان أثناء حملته الانتخابية.
وذكرت الصحيفة أن حكومة بزشكيان، وقبل أن يتم المصادقة على وزرائها من قبل البرلمان، تعاني من غياب الانسجام بين أعضائها، وهي تواجه عراقيل داخلية وخارجية.
أما العراقيل الداخلية فتكمن داخل الحكومة نفسها، وبسبب تضاد أعضاء فريق الحكومة، وعدم امتلاكهم أرضية مشتركة حول طريقة حل مشكلات البلد وأزماته، أما المانع الرئيس أمام الحكومة فيأتي من خارجها، ويتمثل في محاولة التيار المتشدد في البرلمان وغيره من المؤسسات فرض وصاية عليها، وتهديد الرئيس بشكل مستمر بأنه سيتم تهميشه إذا لم يسر وفق تعليمات هذا التيار ورغباته، ومن المؤكد أن الحكومة لن تستطيع العمل في مثل هذه الظروف.
"ستاره صبح": إضرابات واحتجاجات الممرضين في إيران مستمرة وسط تجاهل المسؤولين
قالت صحيفة "ستاره صبح" إن احتجاجات الممرضين التي انطلقت بداية الشهر الجاري من محافظة ألبرز، وتحديدا مدينة كرج، مستمرة وامتدت الآن إلى أكثر من 50 مستشفى في عموم إيران، مشيرة إلى قائمة من المطالب التي يريدها الممرضون من وراء احتجاجاتهم وحراكهم.
وأكدت أن الممرضين يعانون من مشكلات كثيرة ومنذ فترة طويلة، دون أن يحاول المسؤولون العمل على حلها ومعالجتها.
وذكرت الصحيفة أن الرواتب المتدنية وظروف العمل الصعبة جعلت كثيرا من الممرضين يزهدون في هذه المهنة، ويتحولون إلى أعمال حرة كسائقي أجرة وما شابه، لأن مثل هذه الأعمال تدر على أصحابها ضعفي ما يتقاضاه الممرضون من رواتب زهيدة.
وعن آثار إضرابات الممرضين المستمرة منذ أسابيع، استندت الصحيفة إلى مصادر رسمية أكدت فراغ المستشفيات هذه الأيام من الممرضين، وتوقف معظم أقسامها، موضحة أن المستشفيات كانت أساسا وقبل إضرابات الممرضين تشكو من شح في أعداد الممرضين بسبب الهجرة أو ترك أعمالهم، لكن الآن أصبح الأمر مضاعفا.
وختمت الصحيفة بالقول إن حجم الاستياء بلغ درجة كبيرة، بحيث لم يعد الممرضون يخشون الفصل والطرد من العمل نتيجة الإضرابات والاحتجاجات، وأكدت أن كل العالم قد سمع صوت الممرضين إلا في إيران، لأن المسؤولين المعنيين بحل أزمات الممرضين هم جزء من الأزمة نفسها، ولا أمل في أن يساهموا في معالجة مشكلاتهم.